إذا كنت من ملايين اللاعبين الذين يتابعون الفانتازي بشغف كل أسبوع، فقد يفاجئك أن هذه اللعبة لم تولد في ملاعب كرة القدم، ولا في ظل الدوري الإنجليزي الممتاز كما قد تظن. في الواقع، تعود جذورها إلى عالم مختلف تمامًا، بعيد عن المستطيل الأخضر، حيث كانت فكرة خيالية في رياضة أخرى، قبل أن تتحوّل إلى ظاهرة رقمية عالمية. في هذه الرحلة القصيرة عبر الزمن، نكشف لك القصة الحقيقية لنشأة الفانتازي: كيف بدأت، وأين، ولماذا أصبحت أكثر من مجرد لعبة!
في أكتوبر عام 1963، كان نادي “أوكلاند رايدرز” الأمريكي يمر بأسوأ مواسمه، يخسر مباراة تلو الأخرى وسط أجواء متغيرة في عالم الرياضة الأمريكية. في تلك الفترة، برز رجل خمسيني يُدعى “ويلفريد وينكينباخ”، مقاول بسيط ومساهم صغير في النادي، لكنه كان عاشقًا للمراهنات الرياضية التقليدية مثل البيسبول والجولف. كان شغفه هذا أساسًا لفكرة مبتكرة: دمج حب الرياضة مع إدارة فرق افتراضية للمراهنة والتنافس، ما جعله يُعرف لاحقًا بـ “الأب الروحي للفانتازي”. تلك الفكرة الجديدة خلقت تجربة تنافسية فريدة مستوحاة من ثقافة الرياضة الأمريكية في الستينيات، لتتحول مع الوقت إلى ظاهرة عالمية يتابعها الملايين اليوم.
في غرفة بفندق في مانهاتن خلال الستينيات، كان ويلفريد وينكينباخ مع صديقيه “بيل تانل” مسؤول العلاقات العامة، و”سكوتي سترلينغ” الصحفي الخاص بالنادي، يقضون أوقاتهم في المراهنة على لاعبي الفرق المنافسة، يتوقعون من سيسجل ضد فريقهم المنهار. ومن هذه المتعة، ولدت فكرة تحويل الرهان إلى لعبة فعلية ذات قواعد واضحة ونظام شبيه بالدرافت. في هذا النظام، يختار كل لاعب فريقه بعناية دون السماح بتكرار نفس النجم في أكثر من فريق، وتُحتسب النقاط بناءً على الأداء الواقعي داخل الملعب من أهداف، تمريرات، وتاتشداون. لم تكن مجرد لعبة حظ، بل تحدٍ استراتيجي يتطلب معرفة دقيقة بأداء اللاعبين وقدرة على التنبؤ، مما أضاف بعدًا جديدًا للمنافسة والتفاعل الاجتماعي في عالم الرياضة.
بدأ أول دوري فانتازي بـ 8 لاعبين، وتضاعف العدد سريعًا إلى 16 خلال شهر واحد، لكن الانضمام لهذا “النادي السري” لم يكن سهلاً؛ إذ كان محصورًا على الإداريين بالنادي، والصحفيين الرياضيين، وحاملي التذاكر الموسمية لمباريات أوكلاند رايدرز. كل شيء كان يُحسب يدويًا، وكانت النتائج تُرسل بالبريد، مع تحديد يوم الجمعة كآخر موعد لاستلامها. على الرغم من القيود والتقنيات البدائية، ساهم هذا المجتمع الحصري في بناء روح فريق قوية وتنافس صحي، مدعومًا بجوائز مالية للفائز، و”كأس أغبى لاعب” الطريف الذي يُعرض في منزل الخاسر كنوع من العقاب المرح. مقارنة بالسهولة والسرعة التي تتم بها الأمور اليوم، تعكس هذه البداية تحديات وتفردًا أضفى طابعًا خاصًا على ولادة الفانتازي
ظل هذا المجتمع الصغير سرًا لمدة ست سنوات، إلى أن قرر أحد أعضائه، “آندي موسيليماس”، أن يُعرّف زبائن حانته على اللعبة. لم يلقَ هذا الترحيب من المؤسسين، فطُرد من المجموعة عام 1969. لكن آندي لم يستسلم، بل أعاد تطوير اللعبة مع أصدقائه بدقة أكبر وأضاف نظام “مواجهة مباشرة – Head to Head”.
كانت القاعدة الأساسية ضرورة الحضور الشخصي إلى الحانة لتسجيل التشكيلات، حيث تسببت محاولات التلاعب عبر الهاتف والفاكس بمشاكل كثيرة. إن هذا النظام يعكس ثقافة الثقة والأمانة في أواخر الستينيات، مع أجواء حميمية مليئة بالحماس وروح الدعابة.
وفي حال نشأ نزاع بشأن صفقة تبادل لم تُسجّل من قبل النادل، كان يتم عرضها للحكم الجماعي وسط تفاعل وحماس اللاعبين. علاوة على ذلك، كان آندي ورفاقه يتواصلون مع الصحف والقنوات للحصول على الإحصاءات، رغم أنهم غالبًا ما يُساء فهمهم كمقامرين!
رغم بداياتها المتواضعة، انتشرت لعبة الفانتازي بسرعة ملحوظة. بحلول عام 1974، جمعت حانة آندي أكثر من 200 لاعب، مع ظهور دوريات خاصة بالسيدات اللواتي رغبن في منافسة أزواجهن، مما أضفى بعدًا جديدًا من التنافسية والاجتماعية على اللعبة، وساهم في توسيع مجتمعها وجعلها أكثر شمولًا.
شهدت لعبة الفانتازي في الثمانينيات نموًا ملحوظًا مع ظهور مجلة Fantasy Football Digest، التي قدمت للاعبين تحليلات متقدمة وأدوات استراتيجية لتعزيز تنافسهم. ومع تزايد الاعتماد على التحليل الإحصائي الرياضي والاستراتيجيات التنافسية، تجاوز عدد المشاركين المليون لاعب في أمريكا وحدها بحلول نهاية العقد. كما امتدت بيئات اللعب لتشمل أماكن غير تقليدية، مثل مجلس مدينة إنديانابوليس، حيث أُقيم “الدرافت” بحضور نجل العمدة، مما أضفى بعدًا رسميًا ومجتمعيًا جديدًا على اللعبة.
في عام 1990، وخلال زيارة إلى شيكاغو، تعرّف الصحفي الإيطالي ريكاردو ألبيني على لعبة الفانتازي وأُعجب بها بشدة. عند عودته إلى إيطاليا، أطلق نسخة محلية تحت اسم فانتا-كالتشيو عبر صحيفة La Gazzetta dello Sport، مستفيدًا من شعبية كرة القدم والتغطية الإعلامية الواسعة. لم يمض وقت طويل حتى تجاوز عدد المشتركين 15 ألفًا في أقل من نصف موسم، مما يعكس نجاحًا سريعًا وانتشارًا دوليًا مميزًا للعبة.
جاءت النقلة الحقيقية للعبة الفانتازي الإنجليزية في عام 1991، عندما تعرّف المبرمج الشاب أندرو وينستين على اللعبة عبر صديق عائد من أمريكا. رغم محدودية موارده المالية، كرس أندرو ثلاثة أشهر لتطوير نسخته الخاصة، التي أضافت ميزة فريدة تسمح بامتلاك نفس اللاعب في أكثر من فريق. هذا الابتكار التقني كان نقطة تحول حاسمة في تحسين تجربة المستخدم، مؤسسًا شركته الصغيرة Fantasy Football League التي مهدت الطريق لتحول اللعبة إلى عصر رقمي وألعاب تنافسية متطورة.
في أول موسم له، تمكن أندرو وينستين من جذب 600 لاعب موزعين عبر 80 دوري مختلف، لكن التحدي الأكبر كان الإدارة اليدوية الكاملة للعملية. كان أندرو يحسب النقاط بنفسه، يتابع الأهداف عبر برنامج “Match of the Day”، ويطبع النتائج ليُرسلها بالبريد. هذا الالتزام الشخصي والتفاني في ظل التحديات اللوجستية والتشغيل التقليدي أبرزا مدى شغف أندرو وشغله الشاق في بناء لعبة فانتازي ناجحة قبل عصر التحول الرقمي.
حدثت القفزة الكبرى في انتشار لعبة الفانتازي الإنجليزية عندما نشرت صحيفة The Telegraph اللعبة عام 1993، تلتها إذاعة أسبوعية مخصصة على BBC في 1994. خلال ثلاث سنوات فقط، قفز عدد المشاركين من 600 لاعب إلى أكثر من 3 ملايين، مدفوعًا بانتشار وسائل الإعلام التقليدية التي لعبت دورًا حيويًا في الثورة الرقمية وزيادة شغف الجمهور بكرة القدم، مما حول اللعبة إلى ظاهرة جماهيرية حقيقية.
في موسم 1994–1995، كتب صبي يبلغ من العمر 14 عامًا قصة نجاح ملهمة حين فاز برحلة لحضور مباراة كرة قدم من اختياره في أي مكان بالعالم. اختار الصبي حضور نهائي كوبا أمريكا 1995 مع والده، حيث شهد تفوق أوروجواي على البرازيل. منذ ذلك الحين، تحولت لعبة الفانتازي إلى منصة فريدة تجمع عشاق الدوري الإنجليزي في شغف لا ينقطع، مدعومة بتجارب شخصية تحفز اللاعبين الشباب وتعزز روح المنافسة والاندماج الاجتماعي.
اليوم، تقدم لك Fantasy 24 Club تجربة فانتازي مطورة تجمع بين السهولة والمتعة، مع جوائز استثنائية ترفع مستوى التحدي والمتعة إلى أبعاد جديدة. انضم الآن، اختر تشكيلتك الخاصة، واجمع أكبر عدد من النقاط بأسلوبك الفريد، وكن جزءًا من مجتمع اللاعبين المتنامي.